لم يستطع الزمن النيل من عزيمة وإصرار اللاجئ الفلسطيني "سلمان عبد لله حرب" الذي أصر على التدرج في الحصول على أعلى الدرجات العلمية، رغم كل الظروف القاسية التي عاشها خلال عقود عمره الثمانية. الحاج أو الدكتور سلمان من مدينة أسدود المهجرة ويقطن قرب مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، نجح في كسر حاجز العمر وحصل على لقب الدكتوراه في مجال التربية وطرق التدريس بدرجة امتياز بمعهد البحوث والدراسات التربوية بالقاهرة. ويروي الدكتور سلمان للجزيرة نت الذي يعيش مع زوجته الثانية أم عبدالله في أسرة مكونة من 10 أولاد و34 حفيدا, كيف استطاع أن يحقق كل ما كان يسمو إليه, قائلا "لا يوجد شيء اسمه مستحيل، فبالكفاح والجد والاجتهاد يستطيع المرء تحقيق كل ما يتمناه". صياد جيدوأضاف أنه يلقب نفسه بالصياد الجيد الذي يقتنص فريسته, في كناية عن عدم تفريطه بأي معلومة يحصل عليها، وأنه يعد اليوم الذي يمر عليه دون قراءة في أي كتاب خسارة يصعب تعويضها. رغبة الحاج سلمان في التعليم الذاتي والقراءة منذ صغره أشعلت في نفسه حب التعلم وامتهان التدريس لخدمة شعبه وقضيته، بعد أن ذاق ويلات التشريد والحرمان من فرص التعليم لصعوبة الظروف وضيق الحال. ورغم أن الحاج سلمان ولد لأسرة فقيرة كان رب بيتها يعمل في محطة سكة حديد فلسطين أيام الانتداب البريطاني لفلسطين، حرص والده على تعليمه في مدرسة بلدته أسدود إلى أن أنهى تعليمه الإعدادي منها في العام 1945. بعد إتمام سلمان تعليمه الابتدائي والإعدادي انقطع عن اللحاق بالتعليم الثانوي لشدة فقر أسرته وعدم مقدرتها على دفع تكاليف الدراسة. الحاج سلمان وسط أفراد عائلته (الجزيرة نت)رحلة المعاناةوأمام ظروف العائلة الصعبة لم يجد سلمان سبيلا غير البحث عن عمل يساعد به نفسه وأسرته الفقيرة, فعمل في أحد معسكرات الجيش البريطاني، ومن ثم في السكة الحديد إلى أن بدأت رحلة التشريد ودخول الجيش الإسرائيلي المدن الفلسطينية واحتلالها في العام 1948, ليستقر به الحال هو وأسرته بعد عناء شديد في قطاع غزة, لتبدأ قصة حياه جديدة. ولم تحل الأوضاع الصعبة والقاسية التي كان يمر بها المهجرون من متابعة الحاج سلمان دراسته المنزلية رغم قلة حيلته المادية لينال شهادة الثانوية عام 1954 أثناء الإدارة المصرية لقطاع غزة, لتتاح له الفرصة بعدها للتدريس في إحدى مدارس وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا". مرحلة الشهاداتوفي العام 1966 استطاع أثناء مواظبته على مهنة التدريس الحصول على شهادة جامعية من جامعة عين شمس المصرية في تخصص التاريخ بكلية الآداب واستمر في عطائه ومسيرته التعليمية إلى أن أحيل للتقاعد في 1988. لم يكتف الحاج سلمان بهذا القدر من العطاء بل ظل مواظبا للوصول إلى غايته، متنقلا بين الجامعات والمعاهد ينهل منها العلم إلى أن حصل عام 2000 على شهادة الماجستير في التربية من جامعة الأزهر بغزة. وفي 27/12/2007 توج الحاج أبو سفيان مسيرته في التحصيل العلمي بدرجة الدكتوراه التي اعتبرها أكثر المراحل صعوبة لصعوبة تحركه جراء إجراءات الاحتلال الإسرائيلي التي كان تحول دون سفره عبر معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة. |