Palestine Blogs - The Gazette

ضوء

لا يصدر منك

ظلام اخر


who is MOHAMMED



خربش هنا


رشحني في دليل العرب الشامل



صورتي
الاسم:
الموقع: غزة, فلسطين, Palestine








سجل انا عربى

معبر رفح طريقنا الى الحرية! الى متى ؟؟؟

وزير الجيش الاسرائيلي لا يعرف الامساك بالمنظار الع...

تقرير للأمم المتحدة : نصف الفلسطينيين في الضفة وغز...

عملية عيون الحرامية : منفذها الوحيد يروي تفاصيلها ...

الجنود الإسرائيليون قتلوا 815 من الأطفال الفلسطيني...

قصة قناص إسرائيلي إرهابي قتل 31 فلسطينيًا

حروب اوروبا و حروب العرب !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!...

WHY?لماذا؟

الشهيد فــــــــــارس عودة





وكالة معا
وكالة فلسطين برس
وكالة فلسطين الان
المجموعة الفلسطينية للاعلام
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان
شبكة فلسطين اليوم
Blogger
Google


حفار القبور
موسوعة كتب التخدير
مدونة علا من غزة
مدونات عربية
شمعة من أجل غزة
نسرين قلب الاسد
مؤسسة دكاكين
Google



جريدة القدس

جريدة الحياة الجديدة

جريدة الاهرام

صحيفة فلسطين

جريدة الايام


الأقصى


 



<$BlogDateHeaderDate$>
ظاهرة "هجرة العقول" أو كما يسميها البعض "نزيف الأدمغة"، ظاهرة تثير الحزن والأسى على الواقع العربي المؤلم. فما أن يتم إعداد شاب عربي نابه في المعاهد والجامعات العربية، ثم يتم الدفع به إلى جامعة عالمية للحصول على درجة علمية، وما أن يتم بعثته العلمية ويثبت كفاءته حتى يتخذ قراره بعدم العودة إلى بلده، وتفضيل البقاء والاستمرار في المجتمع الغربي. وهكذا تضيع علينا فرصة الاستفادة من خيرة أبنائنا، ونقدمهم مجاناً هدية لغيرنا، ونساهم بأنفسنا في توسيع الفجوة العلمية بيننا وبين الغرب. تشير تقارير أصدرتها كل من الجامعة العربية ومؤسسة العمل العربية والأمم المتحدة (عبر تقارير التنمية الإنسانية العربية)، إلى وقائع وأرقام حول هجرة العقول العربية إلى الخارج. تشدد هذه التقارير على كون المجتمعات العربية باتت بيئة طاردة للكفاءات العلمية. تشكل هجرة الكفاءات العربية 31 % مما يصيب الدول النامية، كما أن هناك أكثر من مليون خبير واختصاصي عربي من حملة الشهادات العليا أو الفنيين المهرة مهاجرون ويعملون في الدول المتقدمة، بحيث تضم أميركا وأوروبا 450 ألف عربي من حملة الشهادات العليا وفق تقرير مؤسسة العمل العربية. وتؤكد هذه التقارير أن 5.4 % فقط من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج يعودون إلى بلادهم فيما يستقر الآخرون في الخارج.ومن الأرقام الدالة أيضا أن 34 % من الأطباء الأكفاء في بريطانيا ينتمون إلى الجاليات العربية، وأن مصر وحدها قدمت في السنوات الأخيرة 60 % من العلماء العرب والمهندسين إلى الولايات المتحدة، فيما كانت مساهمة كل من العراق ولبنان 15%. وشهد العراق ما بين 1991-1998 هجرة 7350 عالماً تركوا بلادهم بسبب الأحوال السياسية والأمنية ونتيجة الحصار الدولي الذي كان مفروضاً على العراق آنذاك. وتشير هذه التقارير إلى عمل قسم واسع من العقول العربية في اختصاصات حساسة في بلاد الغرب: مثل الجراحات الدقيقة، الطب النووي، الهندسة الالكترونية والميكرو الكترونية، والهندسة النووية وعلوم الليزر، وعلوم الفضاء وغيرها من الاختصاصات عالية التقنية.
خسارة فادحة لاقتصادنا ويقول الدكتور علي حبيش رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجي في مصر إن عدد المصريين المهاجرين للخارج بلغوا 3 ملايين و418 ألفاً، وأن ذلك يمثل خسارة فادحة للاقتصاد، وأن 450 ألفاً من بين هؤلاء من حملة المؤهلات العلمية العالية كالماجستير والدكتوراه، حيث استقر معظم هؤلاء في البلاد المتقدمة: الولايات المتحدة، وإنكلترا، وكندا، وأستراليا، رغم ما تتحمله الدولة من نفقات لبناء هذه المؤهلات قد تصل إلى 100 ألف دولار على الفرد، وهكذا فإن فمصر وحدها 50 مليار دولار بسبب هجرة كفاءاته.وتشير دراسة أعدتها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى وجود 4102 عالم إسلامي في مختلف علوم المعرفة في مؤسسات ومراكز أبحاث غربية. ويؤكد تقرير أمريكي أن الأطباء والجراحين القادمين من الدول النامية خلال النصف الأول من السبعينيات إلى الولايات المتحدة الأمريكية، يمثلون 50%، والمهندسين 26%، وأن ثلاثاً من دول الشمال هي الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا، تستأثر ب75% من جملة التدفق في الكفاءات المهاجرة.
8% من القوة العاملة العربية هاجرت وأظهر تقرير حديث للجامعة العربية أن الدول العربية تنفق دولاراً واحداً على الفرد في مجال البحث العلمي، بينما تنفق الولايات المتحدة 700 دولار لكل مواطن، والدول الأوربية حوالي 600 دولار، وأن كل مليون عربي يقابلهم 318 باحثاً علمياً، بينما النسبة تصل في العالم الغربي إلى 4500 باحث لكل مليون شخص. ويكشف التقرير أن 8% من مجموع القوة العاملة العربية هاجرت، وأن 20% من مجموع الأطباء هم الآن خارج المنطقة، وأن 25% من المهندسين يعملون في بلدان أجنبية، وأن 15% من خريجي الأقسام العلمية استسلموا للهجرة الدائمة، وأن 30% من الطلاب بقوا حيث هم، وأن 27 ألف عربي يحملون درجة الدكتوراه غادروا بلدانهم إلى أوربا وأمريكا عام 1980، وأن هذا الرقم وصل إلى 32 ألف عام 2000. ويذكر تقرير رسمي حول العمالة العربية المهاجرة أعدته مؤسسة العمل العربية وجرى توزيعه على وزراء العمل العرب، أن عدد حملة الشهادات العليا فقط من العرب المهاجرين إلى أمريكا وأوروبا يبلغ 450 ألف عربي. ما يعني أن الولايات المتحدة ودول غربي أوروبا توفر مليارات الدولارات نتيجة لهجرة العقول والمهارات إليها. إذ لم تتعب هذه الدول لتنشئة وتدريب هذه العقول ولم تتكلف عليها، فيما تحمل الوطن العربي كلفة تنشئتها وتدريبها. وهكذا يذهب إنتاج هذه العقول الجاهزة ليصب مباشرة في إثراء البلدان المتقدمة ودفع مسيرة التقدم والتنمية فيها في ما يخسر الوطن العربي ما أنفقه ويخسر فرص النهوض التنموي والاقتصادي التي كان يمكن أن تسهم هذه العقول في إيجادها. مع الإشارة إلى أن عددا من الدول العربية كالكويت والعراق وليبيا وضعت برامج وخططا وافتتحت مراكز للبحث العلمي لتشجيع العقول العربية المهاجرة على العودة إلا أنها لم تنجح إلا باستقطاب القليل من الخبرات نظرا لعدم شمولية المعالجة وعدم النجاح في إيجاد بيئة علمية مستقرة. بل إن بعض المصادر تشير إلى أن بلدا كالعراق هاجر منه 7350 عالما في مختلف المجالات ما بين عامي 1991 و 1998 نتيجة الأوضاع التي كانت سائدة في العراق وظروف الحصار الدولي التي طالت الجوانب العلمية.
أسباب هجرة الكفاءات تتعدد الأسباب التي تدفع الأدمغة العربية إلى الهجرة، فمنها ما يتصل بعوامل داخلية، ومنها ما يعود لأسباب موضوعية تتعلق بالثورة التكنولوجية والتقدم العلمي الذي لا يزال الغرب حقله الفعلي. في العوامل الداخلية، يتصدر عدم توافر فرص العمل المتاحة للتخصص الذي تم تحصيله. ولا تبدو الدول العربية معنية بالإفادة من الاختصاصات العلمية وتأمين مجالات عمل لأصحابها، فيجد الخريجون أنفسهم ضحايا البطالة، مما يضطرهم إلى تأمين لقمة عيشهم في أعمال لا تتناسب ومستوى تحصيلهم العلمي. ويتولد عن هذا الوضع شعور واسع بالإحباط واليأس لدى هذه الكفاءات، ويصبح لقرار الهجرة مسوغاته الذاتية والموضوعية. تصيب كثيرون من الذين يصرون على البقاء في بلادهم مرارة عندما يلمسون مدى إهمال الدولة ومؤسساتها وكذلك القطاع الخاص، لمؤهلاتهم العلمية وضرورة الإفادة منها، أو عندما يرون كيف تتم الاستعانة بخبراء أجانب لقضايا تتوافر فيها الكفاءات اللازمة محلياً. ويزيد ضعف وجود مراكز البحث العلمي من الأزمة حيث يستحيل الإفادة من الأبحاث العلمية وتوظيفها في خدمة المجتمع، فتتحول الاختصاصات العلمية التطبيقية إلى اختصاصات نظرية، تنعكس على العالم والباحث، تراجعاً في مستواه العلمي أو في إمكان تطوير قدراته المعرفية. ويتصل هذا الموضوع مباشرة بعدم وصول المجتمع العربي إلى مرحلة يرتبط فيها النشاط العلمي والتكنولوجي بحاجات المجتمع.
مسئولية الواقع السياسي العربي يشكل الواقع السياسي عنصراً مهماً من عناصر هجرة الأدمغة إلى الخارج، حيث تعاني غالبية البلدان العربية من اضطرابات سياسية وحروب أهلية تطال أهل العلم والمعرفة. ويتسبب عدم الاستقرار السياسي في نزيف أهل العلم والفكر المحتاج إلى استقرار يمكنه من الإنتاج. وقد نجمت عن حالة الاضطراب خلال العقود الأخيرة موجات هائلة من نزوح الأدمغة خاصة في بلدان مثل مصر والعراق والجزائر ولبنان، وهو نزيف يتجه إلى التصاعد بالنظر إلى تواصل هذا الاضطراب السياسي. يضاف إلى ذلك واقع حرية الرأي والتعبير التي تعاني تقييداً وقمعاً، وهي أمور ذات أهمية كبيرة يحتاج فيها الباحث إلى الحرية في البحث والتحقيق وتعيين المعطيات وإصدار النتائج. ولا يزال العالم العربي يتعامل مع الأرقام بصفتها معطيات سياسية ذات حساسية على موقع السلطة، وتشير تقارير عربية إلى تدخل السلطة السياسية في أكثر من ميدان لمنع إصدار نتائج أبحاث أو دراسات، تكون الدولة تكبدت مبالغ لانجازها، وذلك خوفاً من أن تؤثر نتائج الدراسات في الوضع السياسي السائد. وإلى جانب هذه العوامل الداخلية، يشكل التطور العلمي والتكنولوجي وثورة الاتصالات التي تشهدها البلدان المتقدمة عنصراً جاذباً لأصحاب الاختصاصات في التكنولوجيا العالية، حيث تقدم المجتمعات الغربية، بخاصة مراكز أبحاثها، إغراءات مادية وحياتية لعلماء كثيرين برعوا في هذه المجالات، أو لأصحاب طموح وجدارة في تحصيل علمي متقدم في علوم يستحيل وجود مثيلها في بلده الأم. وهو ما يعني استحالة عودة هذه الكفاءات لاحقاً إلى موطنها بعد تخرجها لمعرفتها وإدراكها صعوبة الإفادة مما حصلته من هذه العلوم.
200 بليون دولار خسائر عربية من هجرة العقول ويترتب على هجرة الأدمغة خسائر صافية تنال من مقدرات المجتمعات العربية. ويشير أحد تقارير منظمة العمل العربية إلى أن الدول العربية تتكبد خسائر سنوية لا تقل عن 200 بليون دولار بسبب هجرة العقول إلى الخارج، وتقـــــترن هذه الأرقام بخسائر كبيرة نجمت عن تأهيل هذه العقول ودفع كلفة تعليمها داخل أوطانها، مما يؤكد أن الــــدول العربية، ومعها ســــائر الدول النامية تقدم مساعدات إلى البلدان المـــــتقدمة عبر تأهيـــــلها لهذه الكفاءات ثم تصديرها إلى هذه البلدان المتقدمة لتفيد من خبراتها العلمية، وهو أمر يوجب على هذه الدول تعويضاً إلزاميا للدول النامية. المجال الثاني الذي يتأثر بهجرة العقول إلى الخارج هو مجال "إنتاج المعرفة" بجوانبه المتعددة، إذ تسببت هذه الهجرة ولا تزال في تخلف حقول المعرفة في العالم العربي وفي إضعاف الفكر العلمي والعقلاني وعجزه عن مجاراة الإنتاج العلمي العالمي في أي ميدان من الميادين. لكن الخسارة الكبرى تتبدى في الأثر السلبي الذي تتركه هذه الهجرة على مستوى التقدم والتطور المطلوب في المجتمعات العربية في الميادين العلمية والفكرية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية، وهو أثر يؤثر سلبياً على مشاريع التنمية والإصلاحات، مما يزيد التخلف السائد أصلاً في هذه المجتمعات، وذلك بعدما بات مقياس التقدم متصلاً اتصالاً وثيقاً بمدى تقدم المعرفة وإنتاجها. وتنسحب الخسائر أيضاً على الميدان السياسي وعلى الصراع ضد إسرائيل أو الهيمنة الغربية. فلم يعد خافياً أن جزءً أساسياً من هذه المعركة يدور في الميدان العلمي والحضاري والثقافي، وأن أحد عوامل النصر بات مرتبطاً بدخول العرب إلى العصر ومواكبة الثورة العلمية.
إيجابيات هجرة العلماء العرب للغرب لكن بعض الخبراء يرون أن ظاهرة الهجرة السياسية من بلاد المشرق والمغرب وفّرت كفاءات متمرسة في العمل النضالي الاجتماعي والنقابي والسياسي في البلاد المضيفة، مع الإشارة إلى التحوّل الأيديولوجي الذي شهدته هذه العقول من التيار العلماني اليساري والقومي إلى التيار الإسلامي، خاصة في الثمانينيات والتسعينيات، بعد الحملة على الإسلاميين في بلاد مغاربية ومشرقية. ومن فوائد الهجرة السياسية أيضاً نموّ فكرة العمل "الجبهوي"، أي في إطار جبهة واحدة، بين التيارات العلمانية والإسلامية، التي كانت تعيش في أجواء الصراع بل الصدام أحياناً في البلاد العربية والإسلامية. وبوجودها وتلاقيها في أجواء جديدة من الحريات، اضطرت إلى إيجاد أقدار من العمل السياسي والحقوقي المشترك بينها حول معارضة كل أشكال الاستبداد في بلادها، والدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان. ومن الانعكاسات الإيجابية على التيارات الإسلامية المهاجرة، قيامها بعملية نقد ذاتي ومراجعة مسارها الفكري والسياسي، بما يؤهلها لدور حضاري لا تستفيد منه الجاليات المسلمة فحسب، بل تتعداه إلى المجتمعات الإسلامية والمجتمعات الغربية والبشرية جمعاء. فكما هو معلوم، فإنّ هذه التيارات صحبت معها تجاربها في العمل والنضال من زوايا فكرية وعملية مختلفة، رغم الاتفاق العام حول المرجعية الدينية الإسلامية. وسُجلت خلافات بين العاملين في الحقل الإسلامي بقيت آثارها إلى اليوم، والتي تُلمس في الحساسيات القائمة بين المؤسسات الإسلامية التي يشرف عليها قدماء النشطين الإسلاميين. ولكن بعد تلاقح التجربتين المغاربية والمشرقية في بلاد الغرب، وتحت ضغط التحوّلات في تركيبة الجاليات المسلمة وتطور اهتماماتها من الحفاظ على الهوية إلى المواطنة، حصلت الكثير من المراجعات وعمليات التقييم أو التقويم الداخلي على المستوى الفكري والسياسي نحو مزيد من الواقعية في التعامل مع الواقع المحلّي والعالمي.ومن أهمّ القضايا التي حصل حولها حوار ونقاش مسألة التغيير وأساليبه ومقتضياته. وبناء عليه، تمّ السعي إلى التقريب بين مختلف الحساسيات، ومحاولة تجاوز العقلية الحزبية التي كانت مسيطرة لسنوات عدّة. وانطلقت الجهود نحو تجميع الكفاءات السياسية والعلمية المهاجرة من أجل البناء المستقبلي والنهوض الحضاري، وترسّخت القناعة أنّ مستقبل الحضور الإسلامي في الغرب مرتبط بدور الكفاءات الإسلامية المهاجرة، تضاف إليها طاقات جديدة.
المكاسب والخسائر من هجرة الأدمغة ويرى خبراء آخرون أن ظاهرة هجرة الكفاءات ذات تأثير بالغ على كلّ من طرفي البلاد، المهاجر منها والمهاجر إليها، على حدّ سواء، إلاّ أنّه تأثير يختلف في طبيعته بعض الاختلاف بين الطرفين. أمّا بالنسبة إلى البلاد المهاجر إليها، فإنّ هذه العقول المهاجرة تعتبر رصيداً إضافياً في مجال الريادة العلمية والفكرية، تساهم إسهاماً فاعلاً في التقدّم الصناعي والتكنولوجي، وتسرّع من حركة التنمية الشاملة فيها، وهو أمر مشهود به من قبل أهل تلك البلاد أنفسهم، كما يدلّ عليه حصول بعض العلماء المسلمين المهاجرين على جائزة نوبل، وهي الشهادة العالمية العليا على الريادة والعطاء في المناشط العلمية على اختلافها. وأمّا بالنسبة إلى البلاد المهاجر منها، فإنّ تأثير هجرة العقول يبدو في طرفه القريب تأثيراً سلبياً عليها، إذ هجرة العقول منها يعتبر نقصاناً من رصيدها الذي به تتحرّك نحو نهضتها، وذلك بما ينقص بتلك الهجرة من إمكانيات الابتكارات والكشوف العلمية والفكرية التي من شأنها أن تطوّر الحياة وتنمّيها، وإن كان بعض الباحثين يشكّك في أن يكون لتلك العقول المهاجرة تأثير إيجابي في البلاد التي هاجرت منها فيما لو بقيت فيها، إذ هي حينئذ سيكون مآلها الانكماش والتعطل كالعقول التي لم تهاجر، وذلك بحسبان أنّ المناخ العامّ في تلك البلاد غير مساعد على الانطلاق في سبيل الريادة والابتكار والعطاء، وهو ما كان أحد أسباب هجرتها إلى بلاد يتوفّر فيها ذلك المناخ. ولكن قد نظفر بنتائج أخرى لظاهرة هجرة العقول الإسلامية مخالفة للنتائج السابقة لو وسّعنا زاوية النظر إليها، بحيث تتجاوز في التقدير حدود الربح والخسارة، بميزان التنمية المادّية، لتمتدّ إلى مساحات تشمل مستقبل الدعوة الإسلامية فيما يمكن أن يكون لها من انتشار بتلك الهجرة في ديار الغرب من شأنه أن يثمر من النتائج ما يعود بنفع حضاري عامّ، مادّي ومعنوي، لكلّ من طرفي الهجرة، المهاجر منه والمهاجر إليه، على حدّ سواء، ونحن نعني هنا البعد الرسالي في هجرة العقول الإسلامية إلى بلاد الغرب. إنّ العقول الإسلامية المهاجرة إلى الغرب هي من صميم الأمّة فيما ترسّب في مخزونها الثقافي من بعد رسالي ظلّ ثابتاً فيه مهما أتت عليه من أحوال النشاط والخفوت، بل إنّ هذه العقول بما هي من صفوة الأمّة في قدراتها العقلية وفي درجاتها العلمية وفي مستوياتها الفكرية لعلّ ذلك البعد الرسالي المترسّب في ثقافتها يكون أقوى عندها منه عند غيرها من سائر أفراد الأمّة وجماعاتها، وهي قوّة ربّما ظهرت عند بعضهم في حال نشاط فاعل، وربّما كانت عند بعضهم الآخر في حال كمون، لكنّها لا تلبث عند الأكثرين منهم أن تنهض إلى حال النشاط إذا توفّرت لها العوامل المناسبة.
فاروق الباز يقد خبرته يقول الدكتور فاروق الباز، وهو من كبار العقول العربية التي هاجرت من مصر منذ ستينات القرن الماضي، والذي يشغل حاليا منصب مدير مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن بعدما عمل لسنوات طويلة مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" في مشاريع استكشاف القمر والفضاء، يقول: إن لكل عالم وخبير عربي أسبابه الخاصة التي دفعته إلى الهجرة. وهذه تضاف إلى الأسباب العامة المشتركة في الوطن العربي حيث لا احترام للعلم والعلماء ولا تتوفر البيئة المناسبة للبحث العلمي والإبداع. وبالتالي فمن الطبيعي أن يبحث العالم العربي وطالب المعرفة عن المكان الذي تتواجد فيه شعلة الحضارة. إذ عندما كان العالم العربي يحمل شعلة الحضارة قبل مئات السنين كان يأتيه المفكرون والخبرات والعقول من كل حدب وصوب، وبما أن شعلة الحضارة انتقلت إلى الغرب فمن الطبيعي أن يهاجر الخبراء والعلماء إلى المراكز التي تحتضن هذه الشعلة.
18 مليار دولار سنويا من المسلمين لأمريكا مقابل أرقام الهجرة المذكورة من الوطن العربي تشير الإحصائيات إلى أن المهاجرين الروس الذين استقدمتهم إسرائيل إثر تفكك الاتحاد السوفيتي كان من بينهم عشرة آلاف مهندس جاهزون للانخراط في سوق العمل فضلا عن آلاف الأطباء والعلماء من مختلف الاختصاصات. أما الولايات المتحدة فلديها إجراءات خاصة لاستقطاب الكفاءات تربط فيها بين التسهيلات التي تقدمها لهم وبين حاجة الشركات الأمريكية الكبرى من الاختصاصات والخبرات. ولهذه الغاية أصدر الكونغرس الأمريكي في العام 1990 تشريعا خاصا لمساعدة الشركات الأمريكية على استيراد خبراء تكنولوجيا المعلومات وغيرهم من حملة الشهادات العليا. وعلى الرغم من ذلك فقد تقدم مؤخرا القائمون على منطقة وادي السيليكون المتخصصة في الصناعات الالكترونية إلى الكونغرس بطلب توسيع برنامج منح الهجرة للعمال المهرة ليستقروا في الولايات المتحدة. هذا الواقع يجعل الكثيرين يطلقون على الولايات المتحدة الأمريكية إمبراطورية العقول المستوردة والتي لم يقتصر استيرادها على دول العالم الثالث بل إن عددا من الدول الأوروبية وكندا واستراليا يعانون أيضا من هجرة العقول باتجاه الشركات والجامعات الأمريكية ومعاهدها ومراكز الأبحاث المختلفة. والأخطر من كل هذه الأرقام النتيجة التي أبرزها ريفين برينر الأستاذ في دراسات الأعمال في جامعة ماكجيل الكندية والتي ذكرها في كتابه "القرن المالي" إذ يقول: (في ظل اقتصاد العولمة سيذهب البشر والأموال إلى حيث يمكنهم أن يكونوا مفيدين ومربحين. ففي كل عام يغادر ما يقدر عددهم بنحو 1,8 مليون من المتعلمين ذوي المهارات والخبرات من العالم الإسلامي إلى الغرب. وإذا افترضنا أن تعليم أحد هؤلاء المهاجرين يكلف في المتوسط عشرة آلاف دولار، فإن ذلك يعني تحويل 18 مليار دولار من الأقطار الإسلامية إلى الولايات المتحدة وأوروبا كل عام). وإذا راكمنا هذا المبلغ نظريا على مدى عدة سنوات يصبح مفهوما أكثر لماذا تزداد الأقطار الغنية غنى والفقيرة فقرا